• المنظور رقم 5 : علاقة المغاربة بالمغرب

    كتوطئة يشرفني كثيرا أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل المبحرين في رحاب هذا الموقع فهم يرفعون معنوياتي و يدفعونني إلى بذل جهد أكبر متمنيا أن يرتفع عددهم و أن يخصصوا وقتا أكثر لفحص باقي مكونات الموقع. أما بخصوص موضوع علاقة المغاربة بالمغرب فأظن أنها ملتبسة حسب ما يصدر عن ألآخرين من أقوال و أفعال.سأحاول أن أكون صريحا و إن جعلت بعض الناس يحسون بالغبن. كثير من المغاربة تربطهم بوطنهم علاقة متناقضة فيها جذب و نفور.فهم يحبون المغرب و هذا طبيعي فهنا ولدوا و تربوا و كونوا شخصياتهم، هنا عائلاتهم و أصدقائهم و ذكرياتهم و لكنهم من جهة أخرى ينفرون منه و ينتابهم شعور بالاغتراب فيه و رغبة في الهجرة منه إلى آفاق أخرى. سأحاول تحليل هذا الشعور و معرفة مكوناته اعتمادا على ما سمعت و خبرت و قرأت.

     في السبعينات من القرن الفائت، كان أبناء الشعب المغربي يشعرون بالخوف و الرهبة و الضيق بسبب القمع المسلط و سجن و اختفاء كثير من المعارضين. ثم سنوات بعد ذلك خف القمع بل عادت الحياة إلى مجاريها في هذا القرن السعيد فتوسعت الحريات و حلت عقدة كثير من الألسن و لكن رغم ذلك ما زالت هناك خطوط حمراء و رقابة ظاهرة و خفية تنزل بسوطها على كل من تعتبره مخالفا لمنظورها. لذلك ما زال في نفوس الكثيرين قلق و نفور اتجاه السلطة و رموزها، أضف إلى ذلك المحسوبية و الزبونية و ما تروجه وسائل الإعلام المستقلة عن سيطرة حوالي 200 عائلة على مقدرات المغرب. فأبناء الأغنياء يمتلكون كل الحظوظ لتولي المناصب العليا بسبب علاقاتهم المتشابكة و بسبب التعليم الراقي الباهظ الثمن الذي ينالوه في المغرب و في خارجه، هذا التعليم الذي لا يستطيع أبناء الفقراء الحصول عليه فيبقى مستواهم العلمي ناقصا و بالتالي لا يستطيعون شغل مناصب حساسة و مدرة للأرباح الكثيرة . الحل هو مزيد من العدالة الاجتماعية و تطبيق القانون في حق سارقي المال العام و تمكين الفقراء من الاغتناء و تولي المسؤوليات.

     بعض الناقمين و المتطرفين يظنون أن الحل هو القضاء على الطبقة العليا أو على الأقل سحب البساط من تحتها. في الحقيقة لو تم ذلك فسيعرف المغرب فوضى عارمة لأن أغلب الكفاءات تنتمي إلى هذه الطبقة، بالإضافة إلى أن مثل هذا التفكير سيدفع الأغنياء إلى تهريب أموالهم إلى الخارج و عدم الاستثمار هنا و بالتالي سيبقى المغرب يعيش في عدم استقرار اجتماعي و اقتصادي و يدور في حلقة مفرغة لا يمكن الفكاك منها.

     الحل الحقيقي ليس في سلب أغنياء البلد فالمغرب فقير و ما يمكن اقتسامه قليل، يكفي للبرهنة على ذلك مقارنة المغرب مع الدول المصنعة على مستوى الناتج الداخلي العام السنوي. الواجب هو توسيع قاعدة الأغنياء. عوض 200 عائلة مسيطرة يجب أن تكون هناك آلاف العائلات الغنية كما هو الحال في دول الغرب أي بعبارة أخرى يجب خلق الفرص و الدفع بالموهوبين و تغيير كثير من العقليات السلبية أو المتحجرة. يجب تقوية الاقتصاد و توسيع وعاء الطبقة المتوسطة و الرفع من الأجور الدنيا. هذا التقدم الاقتصادي يتطلب عدة شروط : تعليم جيد، قضاء مستقل، علاجات في المستوى و متاحة، مناخ استثماري سليم و أشياء كثيرة أخرى يعرفها الخاص و العام.

     هناك مشكلة أخرى أحب مناقشتها في هذا الركن و هو مشكل الأسماء. في أمريكا، كل شخص يمكنه اختيار الكنية التي يريدها. تجد مواطنين عاديين من مختلف الاثنيات يحملون كنية لينكولن، كارنيجي، كارتر، فورد، جونسون و غيرها. في المغرب هناك احتكار للأسماء و منع للمواطنين من اختيار الكنية التي يرغبون فيها مما يعني عمليا عزل عائلات معينة عن باقي الشعب و خلق نوع من الاحتكار المعنوي و المادي. يجب إلغاء هذا القانون. يمكن  أن تكون للشخص شجرة أجداده الخاصة يريها لمن يريد و لكن أن يحتكر كنية بعينها فهذه عنصرية مبطنة تنشر القلق و الإحساس بالظلم لدى فئات واسعة من المواطنين.

     و ختاما، أدعو لمغربنا العزيز بمزيد من التقدم و الرفاهية على كل الأصعدة.

    المنظور رقم 5 : علاقة المغاربة بالمغرب


  • تعليقات

    لا يوجد تعليقات

    Suivre le flux RSS des commentaires


    إظافة تعليق

    الإسم / المستخدم:

    البريدالإلكتروني (اختياري)

    موقعك (اختياري)

    تعليق